مكة هي مهبِط الأفئدة والقلوب وشفاء العليل والمجروح، إليها تتجه بوصلة كل قلبٍ سليم، وبرؤيتها لا يُقارن شيء بجمالها وعظمتها، فهي بيت الله التي جعلها مطهرةً لكل مذنب ومقصر، وملجأً لكل خائف، بها تتعطر النفوس، وتبتهل القلوب، وتصفى الأفئدة، وتضمحل الهموم، وتنشرح الصدور، وتنطلق الألسن بذكر الله، وتطرب الآذان بسماع آياته. في مكة تجد الناس قد لبسوا البياض؛ ليعبروا عن بياض قلبوهم، وتحرروا من المخيط الذي به ليعودوا كما ولدتهم أمهاتهم، يتكاتفون من عرب وعجم بألوانهم واختلاف صورهم ولغاتهم، فمكة تقبل كل من أتاها ولا ترد عاشقاً، ولا تحمل في قلبها لمن أحبها إلا الحب، ليلتف الناس حول البيت كأنه الأم فيها أودع الله حجر ذنوبهم